القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
الحسد
18091 مشاهدة
تقديم فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى على ما أنعم، وله الشكر على ما وفق له وألهم، نحمده سبحانه على ما تفضل به وتكرم، هو ربي لا إله إلا هو، وهو الإله الواحد المعظم، أرسل نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فهدى الله به من هذه الأمة من أراد به خيرًا من جميع الأمم، وحرم الهداية أهل الغي والحسد وحيل بينهم وبين هذا الفضل والكرم.
وبعد:
فهذه رسالة كتبتُها في الحسد وآثاره وأضراره وما وقع بسببه من المصائب والشرور والفتن، وسردت بعض الأدلة التي نقلتها عن مؤلفات أهل العلم، كـ(الآداب الكبرى) لابن مفلح، و(تفسير الرازي الكبير ومختصره) للقمي و(الترغيب والترهيب) للمنذري ونحوها، رجاء أن يستفيد منه من قرأه بإنصاف وتمعن ، حتى يخف أثر هذا الداء العضال الذي فشا وتمكن حتى في طلبة العلم وحملته، فإن الحسود لا يسود ولا يناله من حسده إلا الهم والغم والنكد والكبد، فمن عرف أن الله تعالى هو المنعم على عباده بما فيه خيرهم وصلاحهم، أو فيه اختبارهم وابتلاؤهم، فلا يجوز له أن يحسدهم على ما أعطاهم الله تعالى وإنما عليه أن يغبطهم إذا أدوا حقوق الله تعالى وعملوا بما يرضيه، ويحرص على أن يحصل على مثل ما حصلوا عليه، فأما السعي في إزالة النعمة وتنغيصها على أهلها فهو من الكبائر، والله المتفضل على عباده، وله الحمد والشكر وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين
21 - 3 - 1419 هـ